الأرصاد : الفرصة سانحة لتكوّن حالة مدارية ببحر العرب في مايو ويونيو
5/21/2011
* استحداث مركز البث المرئي للتواصل عن قرب مع الجمهور وإتاحة عرض المخرجات والبيانات الأرصادية بشكل أكثر واقعية
حوار - ناجية البطاشية
كشف رئيس قسم خدمات الأرصاد والإعلام بالمديرية العامة للأرصاد والملاحة الجوية حامد بن أحمد البراشدي، في حوار مع "الشبيبة"، أن المديرية العامة للأرصاد والملاحة الجوية عكفت مؤخرا على استحداث مركز البث المرئي الذي يتم تفعيله قريبا بحيث يتم التواصل عن قرب مع الجمهور من خلال إتاحة عرض المخرجات والبيانات الأرصادية بشكل أكثر واقعية.
وأوضح البراشدي أن هذا المركز عبارة عن استوديو متكامل مخصص للنشرات والبيانات الجوية تراقب المحيطات في دول العالم وأي تأثيرات جوية داخلها وداخل نطاق (بحر العرب)، الذي يقع في المحيط الهندي وتطل عليه "سلسلة جبال ظفار"، حيث ستؤمن المديرية العامة من خلال هذا الاستوديو التغطيات المباشرة المتوافقة مع دول العالم، في حالة أي طارئ تتعرض له أجواء السلطنة وفي مقدمتها "الأعاصير"، سيكون هذا "الاستوديو" حول حلقة الوصل بيننا وبين المجتمع لننقل الصورة ونتواصل مع المجتمع في كل صغيرة وكبيرة وبكل شفافية.
وأشار البراشدي إلى أن دور "الأرصاد الجوية" الرئيسي يكمن في نقل حقيقة ما نرصد ونشاهد إلى خارج جدران مركز التنبؤات الجوية، والتدخل توضيحا أو تعليقا حينما يتطلب الأمر بأيسر الطرق التي توصلنا للمجتمع بشتى طوائفه مواطنين كانوا أم مقيمين، عربا أم أجانب.
خبرتنا في الاحتواء
وأضاف البراشدي إن الإدارة الإعلامية لمثل هذه الأزمات تتطلب الكثير من الجهد وعمل الفريق المنظم وضبط النفس من أجل الاحتواء الإعلامي وانتقاء المفيد في وقته من التدفق الهائل للمعلومات مع الحسم في سرعة اتخاذ القرار أثناء نقل الحدث مثلما كانت التغطية المباشرة وبعدة لغات من خلال التعاون الوثيق مع تلفزيون سلطنة عمان بشكل خاص وباقي المحطات الخارجية العربية والأجنبية وقنوات الإذاعة المختلفة في النقل المباشر والمستمر لكافة التطورات والتحذيرات المتتالية التي يتم إعدادها بالشكل الذي يرصد كافة جوانب تطورات الحالة الجوية. ولقد وصل عدد البيانات المتتالية التي تم إصدارها من قبل المديرية العامة للأرصاد والملاحة الجوية أثناء الأنواء المناخية الاستثنائية الأخيرة (فيت) إلى 14 بيانا تنوعت بين إشعار وإنذار وتحذير، كان لها الأثر الكبير في التقليل من التأثير.
وأكد حامد البراشدي: أن التنبؤات الجوية حول أوضاع السلطنة من احتمالية تعرضها "لإعصار" تعطي ردودا إيجابية في الوقت الحالي حسب البيان الأخير الذي صدر عن المديرية العامة للأرصاد والملاحة الجوية بخصوص هذا الموضوع، الذي ينفي تكون حالة جوية ستؤثر على السلطنة، وهذا هو السؤال المشروع الذي يشغل بال "العمانيين" و"المقيمين" على حد سواء بخاصة ونحن نقترب من نهاية شهر مايو والاستعداد للدخول في شهر يونيو وهما الشهران اللذان ينصب عليهما الاهتمام باعتبارهما الشهرين اللذين يحتضنا (الأعاصير المدارية)..!
ولكن هذا لا ينفي أن مواجهة الأنواء المناخية بما فيها الأعاصير المدارية هي أمر محسوم سلفا، لا يمكن دفعه أو تجاهله بسبب إطلالة السلطنة على المحيط الهندي بشكل خاص، وبالعودة إلى منطق الحقائق فإننا نرى أن الفرصة سانحة لتكون أية حالة مدارية في بحر العرب خلال هذين الشهرين على الأخص (مايو ويونيو) ولن نتأخر في الإعلان عن أي تطورات قادمة، ولا يوجد ما يحرجنا في الحديث عن أي أنواء مناخية محتملة إن ثبت تبلورها، لكننا نلتزم مبدأ الواقعية والشفافية عند مخاطبة الجمهور، ونوقن أن المعلومة الحقيقية هي من حق الجميع، والاهتمام بما يشغل "المواطن والمقيم" على حد سواء في مسألة الحالة الجوية أمر واجب علينا، ونحن نتمنى من الله أن تستقر أجواء السلطنة على الدوام.
حالة صحية
ويضيف البراشدي: إن المجتمع العماني أصبح لديه وعي كبير بأهمية متابعة الحالات الجوية وتغيرات الطقس منذ تعرض السلطنة للأنواء المناخية الاستثنائية في يونيو 2007م (جونو)، وهذه حالة صحية في المجتمع تدعو إلى الاهتمام بالطقس وتغيراته وهو من الأمور البديهية لدى البشر، لأنه وببساطة يلامس حياة الجميع، لذا يكون دائما الحديث عنه مادة رائجة تحتل مكانها سيما خلال التواصل الاجتماعي بحيث تفرض قوانين التغيرات الجوية وجوب المعرفة بأحكامها. ويتابع البراشدي: ومع الانفتاح المعرفي وثورة الاتصالات بات من السهل جدا الحصول على البيانات والمعلومات والأخبار والتي من ضمنها ما يتعلق بالأحوال الجوية، وأصبح هناك هواة للطقس يرصدون ويحللون بطرق اجتهادية تستحق التقدير والاحترام بما يمكن الاستفادة منها.
الموقع الفلكي والجغرافي
وعن مدى تأثر السلطنة بالحالات الجوية المدارية أوضح البراشدي: تتأثر السلطنة بحكم موقعها الفلكي والجغرافي المطل على المحيط الهندي عبر بحر العرب بالحالات الجوية المدارية التي تنشأ في شمال غرب المحيط الهندي وبحر العرب والتي تكون حركتها عادة من الشرق إلى الغرب. فما بين المنخفضات والعواصف المدارية تبقى الأعاصير المدارية هي أعمق وأخطر الحالات الجوية المدارية بشتى تصنيفاتها والتي يمكن أن تؤثر على أجواء السلطنة خصوصا خلال الفترة ما بين شهري مايو ويونيو وشهري أكتوبر ونوفمبر من كل عام. وقد تأثرت السلطنة بالعديد من هذه الحالات خلال السنوات الماضية، فعلى سبيل المثال الإعصار الذي أثر على مسقط في يونيو1890م ويونيو 2007م، وعلى صلالة في أكتوبر 1948م ومايو 1995م، والعديد من العواصف المدارية التي أثرت على أجواء السلطنة عام 1977م على جزيرة مصيرة، وعلى سواحل السلطنة الشرقية بشكل عام في أعوام 1983 و1992 و1993 و1996 و1998 و2002م جميعها تدلل بأن أراضي السلطنة معرضة بشكل فعلي لتأثير الحالات الجوية المدارية.
وحول المراقبة الجوية يقول: يتم مراقبة نشاط الحالات الجوية المدارية عن طريق رصدها المباشر بواسطة التوابع الاصطناعية وتحليل الرصدات الجوية والبحرية خصوصا تلك القادمة من السفن او الطائرات التي تعبر بالقرب منها، بالإضافة إلى استخدام التنبؤات العددية وأجهزة محاكاة الطقس، والأهم من ذلك توظيف الخبرة البشرية في هذا المجال. وبالرغم من تطور علوم الأرصاد الجوية والدراسات والبحوث العلمية الكثيرة التي تم تسخيرها لدراسة كافة أبعاد هذه الأعاصير واختبار قوتها، إلا أن قدرة الإنسان لا تزال عاجزة عن امتلاك وسائل التحكم في قوة الأعاصير الهائلة أو تغيير مساراتها.
الأعاصير المدارية
وتطرق البراشدي إلى المقصود من "الأعاصير المدارية ويقول: إن الأعاصير المدارية هي عبارة عن عواصف هوائية (دوارة حلزونية عنيفة) تشكل من مجموعة من العواصف الرعدية تزيد فيها سرعة الرياح عن 63عقدة (117 كم/ساعة)، وتدور الرياح حول مركز الإعصار بعكس اتجاه عقارب الساعة في النصف الشمالي للكرة الأرضية، ومع عقارب الساعة في نصف الكرة الجنوبي، وتنشأ عادة فوق المياه الدافئة لمحيطات المناطق المدارية التي تقع بين خطي عرض 10 ومداري السرطان والجدي شمال وجنوب خط الاستواء، ولا تتكون عند خط الاستواء بسبب أن القوة الأفقية (كوريوليس) الناشئة عن دوران الأرض هناك تكون معدومة. ويعتبر جدار الإعصار هو جزء شديد الاضطراب والأخطر في تركيبته، وهو عبارة عن جدار ضخم من الغيوم الكثيفة والعواصف الرعدية المدمرة يزيد بعده الأفقي عن 100 كم ويمتاز بحركات هوائية عمودية صاعدة عنيفة (رياح عاصفة) وأمطار غزيرة فيضانية.
ويضيف: لا تنشأ الأعاصير فجأة من العدم، بل يستلزم تكونها مراحل حياة حسب توافر الظروف الجوية الملائمة لتطورها بحيث يمكن تتبعها وملاحظتها خلال فترة زمنية كافية، فهي تبدأ على شكل تجمع للسحب الركامية فوق مياه المحيطات الدافئة التي تزيد درجة الحرارة عند سطحها عن 27 درجة مئوية نتيجة للتسخين المباشر لأشعة الشمس الساطعة، وبالتالي تسخن طبقة الهواء الملامسة عندها يخف ضغط الهواء الساخن فيتمدد ويصعد (ضغط جوي منخفض) حينها تنجذب الرياح إلى منطقة الضغط المنخفض وبالتالي يحدث تبخر أكثر للماء ليصعد حتى درجة التكاثف الذي يبعث الحرارة الكامنة والتي تحدث بدورها انخفاضا أكثر في الضغط الجوي مع دوران للكتل الهوائية المحملة بالعواصف الرعدية والأمطار الغزيرة، ومع اشتداد سرعة الرياح حول المركز يتعمق المنخفض الجوي ويتحول إلى عاصفة مدارية ومن ثم إلى إعصار مداري يأخذ تصنيفه في السلم المعروف لدرجات الأعاصير. وتفقد الأعاصير قوتها تدريجياً عند دخولها اليابسة أو عبورها في مياه باردة بعد أن تنقطع عنها كميات بخار الماء العالية التي تستمدها من البحر الدافئ.
الأعاصير المدارية
ويطلق عادة على الأعاصير أسماء تميزها وتسهل الاستدلال عليها خصوصا في حالة تكون أكثر من إعصار في وقت واحد. وبدأت تسمية الأعاصير في أستراليا من خلال نعتها بأسماء محلية في المناطق التي تتكون فيها، ومن ثم انتقلت التسمية إلى القارة الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية قبل أن تصل إلى شرق آسيا آنذاك. وبقيت أعاصير شمال المحيط الهندي يشار إليها بحروف وأرقام دون مسميات معروفة حتى عام 2004م عقب مبادرة من الأرصاد الجوية العمانية بتنظيم تسمية الأعاصير في شمال المحيط الهندي ضمن اجتماع لجنة الأعاصير المدارية لبحر العرب وخليج البنغال الذي عقد بمدينة مالي بالمالديف في مارس 1999م. وكانت هذه اللجنة التي تضم في عضويتها ثماني دول هي: سلطنة عمان، وبنجلاديش، وباكستان، والهند، وسيريلانكا، وتايلاند، والمالديف، وميانمار قد اتفقت على أن تسمى الأعاصير بمسميات يتم اختيارها من الدول الأعضاء بحيث ترمز هذه الأسماء إلى ثقافة هذه الدول وتم اختيار ممثل السلطنة كمقرر للجنة تسمية الأعاصير. هذا ما أجابنا عنه البراشدي حول سؤالنا عن سبب التسمية "بالأعاصير المدارية".
نبذة عن بحر العرب
بحر العرب هو جزء من المحيط الهندي يقع بين سواحل شبه الجزيرة العربية وشبه الجزيرة الهندية. تحده إيران وباكستان من الشمال، وشبه القارة الهندية من الشرق وشبه الجزيرة العربية والقرن الأفريقي من الغرب. أكبر عرض لبحر العرب هو 2,400 كيلومتر تقريبا وأقصى عمق له 4,6 كيلومتر تقريبا. أنهر أندوس والمعروف كذلك بنهر سندهو، نامادا، وتابتي تصب مباشرة في هذا البحر، ويتصل به الخليج العربي والبحر الأحمر، ومن أشهر الجبال التي تطل عليه سلسلة جبال ظفار في سلطنة عمان وجبال غات الغربية في الهند. له ذراعان ممتدان هما خليج عمان وخليج عدن. الدول المطلة على بحر العرب هي الهند، وإيران، وعُمان، وباكستان، واليمن، والصومال والمالديف. ومن المدن التي تطل على هذا البحر مدينة ممباي في الهند وكراتشي في باكستان وولاية صور وصلالة في عمان والمكلا في اليمن وميركا في الصومال، وبحر العرب يولد الكثير من المنخفضات المدارية والتي تتحول في الأغلب إلى عواصف والتي تؤثر على الدول المطلة عليه وبالأخص سلطنة عمان واليمن