عناوين مقترحة :
- ستار أكاديمي تروج للرذيلة ، وما يعرض فيها أمر مخز .
- سيسأل المتصلون بستار أكاديمي عن كل قرش أنفقهوه بالاتصال .
- الصالحون يدعون على أصحاب قنوات الرذيلة وستار أكاديمي .
- أنا موقف من الظهور بالقناة الأولى من عامين .. ولا أعرف السبب !!
- يحضر دروسي شباب بالقبعة وقصة الشعر .
- درست على يد ابن باز وابن جبرين وابن قعود .
- قمت لألقي كلمة فجف ريقي وكدت أسقط .
- لا بد أن يتجدد الخطاب الدعوي لهذا العصر .
- ألقي قرابة 30 محاضرة في العام وينشر منها 4 فقط .
- خطيب الجمعة الذي لا يحضّر إهانة للمستمعين .
- ضغط أمريكا على الإسلام جعل الناس يتجهون إليه .
حاوره / محمد بن حمدان المالكي
للشيخ الدكتور محمد العريفي سمت وروح جذابة تميزه عن غيره من الدعاة ، ففي رؤيته ألفة ، وفي كلامه جاذبية ، وفي رؤيته الفكرية لمحة ثاقبة ، وفي أسلوبه ثقافة الحكيم وحكمة المثقف ..
التقينا به في منزله في الرياض فرحب وأكرم ، ودخلنا معه في حوار شيق أستطعنا بقناعات فكرية والدعوية تميز بها وأتقن التعامل بها ، حدثنا عن هموم الداعية ، والإعلام ، كما حدثنا عن أمور كثيرة لم نمل من احتسائها مع فناجيل الهيل ..
س : فضيلة الشيخ هل لنا بنبذة مختصرة عن حياتكم ؟
ج : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم الحمد لله الذي يسر هذا اللقاء معكم ، وأسأل الله جل وعلا أن يجعله خالصا لوجهه ، وان ينفع به كل من قرأه أو سمعه .
ولدت عام 1390هـ ، لي أربع بنيات وولدان ، نشأت في مدينة الدمام ودرست الابتدائي والمتوسط وكان لي مشاركات ثقافية كإلقاء كلمات بالإذاعة وبعض النشاطات ، وفي الثانوية توجهت أكثر للدعوة ، وأذكر أني ألقيت أول خطبة وأنا في الثانوية ، وفي أيام الجامعة كنت ألقي كلمات بمصلى الجامعة ، وبعض المساجد ، لكن التوجه الإلقاء المحاضرات العامة جاء بعد تخرجي من الجامعة .
س : وكيف توجه فضيلتكم إلى طريق الدعوة بشكل جاد ؟
ج : منذ أن جئت الرياض عام 1412هـ أصبحت إماماً وخطيباً لجامع كلية الملك فهد الأمنية وهذا زاد قدراتي على الإلقاء ومواجهة الناس، كان هذا الجامع يصلي فيه ما لا يقل عن 2100 طالب يتخرجون ضباطاً ومنذ ذلك الوقت وأنا ألقي عندهم دروسًا يومية وأصلي بهم ، وكان الطلاب يستفتوني في مسائل ومشاكل متعددة فهذا الجو الذي عشته أعطاني قدرة على تحليل المشاكل وحل الخصومات، وكنت عضواً في لجان متنوعة في الشئون الدينية وإصلاح ذات البين ، بعد ذلك صدر اسمي في بيان الدعوة في الوزارة الإسلامية في البيان الثالث ، وبعدها انطلقت ولله الحمد في المحاضرات .
س : ومن كان له الأثر في تحفيز الجانب الدعوي عند فضيلتكم ؟
ج : ما أذكر حقيقة أن هناك شخصًا معينًا كان له الأثر في تحفيز هذا الجانب ولعلّ إمامتي في الكلية الأمنية أعطتني دفعة قوية، وكنت حريصاً أيضاً على تنمية مهاراتي في القراءة ، في فن الإلقاء ، في فن التعامل مع الناس وغيره مما جعلني انطلق .
س : وهل الشخصية الدعوية ثمرة موهبة أم علم ؟
ج : الدعوة قسمان ، الأول : العناية بنصح الناس ، فهذه لا تحتاج أن تحفظ القرآن والصحيحين ، فيكفي أن يعرف أموراً عامة في الدين لكن لا يتكلم إلاّ بما يعلم . القسم الثاني : تعليم الناس والفتوى لهم ، فهذه تحتاج لعلم شرعي ، أما بالنسبة للموهبة في توصيل الدعوة فهي قد تكون موهبة عند الشخص في طريقة إلقائه ، ويستطيع تنمية مهاراته بذلك في فن الإلقاء ، وفن الدعوة ، وفن التعامل مع الناس فمن كان فاقداً لمهارات معينة يستطيع أن يكتسبها.
س : هل هذا يعني أن هناك مشايخ يحتاجون لمهارات في فنون متعددة ؟
ج : المشايخ من الناس، والناس يتفاوتون في قدراتهم، فالأب ينبغي أن ينمي قدراته في التعامل مع أولاده، والزوج مع زوجته، وكذلك الخطيب والداعية، يحتاج أن ينمي قدراته في الإلقاء أو التعامل أو معرفة طباع الناس أو غير ذلك ..، ففي بعض الأحيان تجد خطيب جمعة قبل أن تبدأ الخطبة بنصف ساعة لا تكاد تجد مكاناً في المسجد ، بينما خطيب آخر تأتي وهو في نهاية الخطبة أو ربما تأتي وقد أقيمت الصلاة وتستطيع أن تصلي في الصف الثاني أو الثالث ..
ما الذي يجعل الناس يجتمعون عند هذا ويتأخرون في الحضور عند الثاني؟
هل المسألة تعتمد مثلاً على قوة الجسد ؟..تعتمد على نوع لون المشلح الذي يلبسه .. تعتمد على المكيف ولون الفرش الذي في المسجد ؟ أم تعتمد علي قوته العلمية؟
هي في الحقيقة تعتمد على قدرته على جذب الناس أثناء الإلقاء ، مع الإخلاص لله تعالى طبعاً ، فإذا وفق الإنسان لأسلوب مناسب لتوصيل فكرته للناس فهذا أمر حسن ، وفي بحث عمله أحد معاهد الإلقاء ذكر أن 67 % من تأثير المحاضرة هو من مهارات الإلقاء التي يمارسها من خلال رفع الصوت وخفضه ، والمسح البصري وحركة اليدين ، وأن الباقي 33 % يعتمد على المعلومات التي يلقيها والجو المحيط كالمكيف والإنارة و ..
وأقول : ينبغي لكل من تصدر للناس في الدعوة أو كان مدير شركة أو أميراً وكل من يواجه الناس ويتكلم لابد أن يكون عنده معرفة بمهارات الخطاب والاتصال ، فبعض الناس الموهبة موجودة عنده أصلاً وإن لم توجد فينبغي أن ينميها عبر القراءة أو حضور دورات وما إلى ذلك .
س/ هل المهارات فقط في الإلقاء وفنون التعامل .. أم في غير ذلك أيضاً ؟
ج/ المهارات متنوعة .. فمن المهارات مثلاً القدرة على كبت الغضب ..
ومن طرائف قصص الغضب أني ذهبت يوماً لمدينة أملج ( 300ك جنوب جدة ) لإلقاء محاضرة ..
كان من بين الحاضرين شاب سريع الغضب ثائر الأعصاب جداً ..
أخبرني صاحبه : أنه سافر مرة بسيارته ولم يكن مستعجلاً فكان يمشي ببطء .. كان وراءه سيارة مسرعة تريده أن يفسح لها الطريق .. وهو يزداد بطئاً ويشير لهم بيده أن خففوا السرعة ..
ضاق صاحب السيارة الأخرى بصاحبنا ذرعاً .. وتعداه بسرعة وانحرف عليه بسيارته مؤدباً .. ثم مضى .. ولم يصب أحد منهما بضرر ..
ثارت أعصاب صاحبنا – وهي تثور على أقل من ذلك بكثيييير – فزاد من سرعة سيارته .. وأخذ يصرخ ويزمجر .. ويشير لهم بأضواء السيارة مراراً حتى توقفوا .. فألقى غترته جانباً .. وتناول قطعة حديد في يده - هي في الأصل مفك لفتح براغي العجلات عند الحاجة - .. ونزل من السيارة متوجهاً إليهم ..
فإذا بالسيارة المقابلة ينزل منها ثلاثة شباب قد ضاقت ملابسهم بعضلاتهم .. وتباعدت أيديهم عن جنوبهم من عرض أكتافهم ..
أقبلوا يجرون بانفعال إلى صاحبنا .. وقد رأوه تهيأ للقتال !!
فلما رآهم انتفض .. وغص بريقه .. وهم ينظرون إليه وإلى ما في يده ..
فلما لاحظ أنهم يحدون النظر إلى قطعة الحديد .. رفعها برفق وقال : عفواً .. أردت أن أنبهكم إلى أن هذه سقطت منكم .. فتناولها أحدهم بانفعال .. وولوا إلى سيارتهم .. وهو يشير بيده إليهم مودعاً ..!!
س : نعود للموضوع الأصلي ..من المشايخ الذين كان فضيلتكم يحضر لهم ؟
ج : كنت أحضر كثيرا لشيخنا الشيخ عبد الله بن جبرين فلازمت دروسه في المسجد قرابة ثمان أو تسع سنوات .
س : دروس معينة ؟
ج : دروس في كتب متعددة منها الاعتصام للشاطبي ومنها شرح الزركشي على مختصر الخرقي والأصول الثلاثة وكتاب التوحيد والمنتقى من منهاج الاعتدال وغيرها ؛ الشيخ بن باز رحمه الله أيضا حضرت عنده بعض الدروس بعد الفجر وبعض دروس المغرب ، وشيخنا عبد الله بن قعود عضو اللجنة الدائمة سابقاً نسأل الله أن يشفيه ، قرأت عليه الأصول الثلاثة وكتاب التوحيد وبعض الكتب .
س : هل لابد للداعية أن يزاحم طلبة العلم في مجالس العلماء ليكون داعية أم تكفي فقط الدراسة في المدارس والجامعة ؟
ج : أنا أرى أن الداعية لا بد أنه يخالط العلماء فيتعلم أسلوبهم وطريقة التعامل مع الناس ، لذلك قالوا إن الإمام أحمد كان الحضور عنده خمسة عشر ألفاً منهم خمسة آلاف يكتبون الحديث ، وعشرة آلاف يتعلمون منه السمت ، أي يتعلمون منه طريقة كلامه ، حركته ، سكونه ، اتباعه السنة ، طريقة إجابة الأسئلة ونحو ذلك .
س : ومتى شعر فضيلتكم بالقدرة على الوقوف على المنبر ؟ وما قصة أول كلمة ؟
ج : كان في أول خطبة ألقيتها في ثالث ثانوي أذكر ألقيتها في قرية بعيدة ، وهناك قصة لأول كلمة ألقيتها في مخيم عندما كنت في أولى ثانوي حيث خرجت في مخيم مع المدرسة فيه عدد من الطلاب فطلب المشرف على المخيم أن يلقي أحد المشاركين كلمة بعد الصلاة فرفعت يدي متحمساً ، وعندما قمت لم أكن محضرا شيئا ، فوقفت وبدأت أتكلم عن مداخل الشيطان على الإنسان في ربع دقيقة بعدها بدأ ريقي يجف اضطربت فاضطررت إن أختم الموضوع وأجلس على الأرض.
س : هل هناك أخطاء معينة تحذر منها المبتدئ في طريق الدعوة ؟
ج : أوصي من أراد أن يشتغل بالدعوة بالإخلاص لله تعالى ، وأن يحترم عقول الناس الذين يحضرون عنده بالتحضير الجاد لهم ، ولا يكون كما يقولون في المثل العامي " أفتح فمك ويرزقك الله " فقد اختلف الأمر وأصبحت المنابر التي تخاطب الناس كثيرة، منابر إعلامية وفضائية وصحافة و.. ، فلا بد أن تعد إعدادا جيدا .
ومن الأخطاء التي قد تقع من بعضهم في الدعوة أحياناً إساءة الظن بالمدعو ، فمثلاً يأتيه شاب بلباس غير مناسب وله قصة شعر ، ومعه سيجارة مثلاً فتجدنا أحياناً نسيء الظن به ونرى أنه إنسان فاسق فاجر ، وما أدراك لعله يحمل في صدره قلباً رقيقاً محباً للخير .
وفي صحيح البخاري عن أنس لما أُتي للنبي صلى الله عليه وسلم برجل شرب خمراً فجلد وأخرج ثم جيء به قد شرب خمرا فجلد واخرج ثم جيء به ثالثة قد شرب خمراً فجلد فلما أخرج قال رجل من الناس : لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به !! لاحظ يلعن رجلاً شارباً للخمر فلما سمع النبي عليه الصلاة والسلام هذا الكلام غضب والتفت على الرجل وقال : " لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله " ..
نعم أنظر إلى الجانب المشرق لشخصية الآخر لا تنظر فقط إلى ظاهره .
ومن الأخطاء أنك تجد بعض الدعاة يمل بسرعة ، إذا صرت داعية تحمل ازدحام الناس عليك تحمل رفعهم لقضاياهم إليك ، هذا يعطيك ورقة تثبت أن عليه دية وهذا ولده مسجون ويريدك أن تشفع له في خروجه وهذا ابنه مريض يريدك تذهب وتقرأ عليه وهذا في مشكلة بينه وبين زوجته لا بد أن تستمع إليه وتحل مشكلته وهذا .. نحن نردد دائماً : طريق الدعوة ليس مفروشاً بالزهور ، ثم إذا أصابنا فيه شيء من التعب تركناه ..
وكم من الدعاة يمل .. فتجده ترك الدعوة واشتغل بعقار أو غيره ، ويجوز أنك تجمع بين التجارة والدعوة ، لكن لا يطغى انشغالك بكسب العيش على العمل الدعوي مادام أنك موفق ومقبول .
س : وهل أنت راضي عن ما قدمته في الأشرطة السابقة ؟
ج : قبل أن يسجل الشريط وينشر أكون ألقيته قرابة 20 مرة في عدة أماكن في جده والدمام وأبها وحائل والقصيم .. فإذا اقتنعت أن مادته مناسبة بعد ذلك أسمح أن ينشر الشريط ..
لذلك لا أذكر أني ندمت على شريط وقلت يا ليتني لم أفعل كذا ، وربما تكون هناك وجهات نظر من بعض الأخوة ، كقوله لماذا رتلت الآية ؟ وآخر يقول القصة الفلانية طويلة ليتك اختصرتها ، فهي تعتبر وجهات نظر ، ولا أتسرع في الإصدار ، فبفضل الله ألقي سنويا عددًا كبيرًا من المحاضرات المتفرقة سواء في ثانويات أو جامعات أو مساجد ومع ذلك لا ينشر منها في السنة كلها إلا أربعة أشرطة فقط .
س : وكم شريطاً لفضيلتكم موجود في السوق ؟
ج : فوق العشرين شريط تقريباً .
س : إلا يرى فضيلتكم أنها قليلة جداًُ ؟
ج: بلى أرى ذلك .
س : ما السبب ؟
ج : لأنني أدقق جداً في الأشرطة التي تصدر ، وأنا حريص على خروج المناسب أحسن من أن تخرج للناس سواليف ، يا أخي لا بد أن نحترم عقول السامعين ، فبصراحة : شخص جاء وتعب واشترى شريطاً ووضعه في المسجل خصص لك ساعة كاملة من عمره ليستمع إلى شريطك فأعطه شيئاً يليق به ، مثل خطيب الجمعة الذي يأتي ولم يحضر أعتبره إهانة للمستمعين ، يا أخي أحترم الناس الذين أمامك ، من مس الحصى فقد لغى ، من قال لصاحبه أنصت فقد لغى ، وأنت ما حضرت لهم ، كذلك من يظهر في التلفزيون أحترم عقول الناس الذين أمامك ، أنت تتكلم على الهواء مباشرة ، والساعة التي تتكلم فيها تتكلف مبالغ كبيرة لذلك يجب عليك أن تحضر تحضيرًا جيدًا .
س : فضيلة الشيخ .. كسب محبة الناس غاية عالية .. كيف أحصل عليها ؟
ج : لن تكسبهم بالمال ولا الجاه ولا الجمال .. وإنما بحسن التعامل معهم ..
أذكر أن أحد طلابي في الكلية أصيب بمرض نفسي .. كان نوعاً صعباً من الاكتئاب ..
كان والده ضابطاً يشغل منصباً عالياً .. جاء مراراً إلى الكلية وقابلني وتعاونا على علاج ابنه ..
كنت أذهب إلى بيتهم أحياناً فأرى مجلسه مليئاً بالضيوف .. لا تكاد تجد فيه مكاناً فارغاً ..
فكنت أعجب من محبة الناس لهذا الرجل وإقبالهم عليه ..
مضت سنوات وتقاعد الأب من منصبه ..
فذهبت إليه زائراً .. دخلت القصر .. ثم دلفت إلى المجلس وفيه أكثر من خمسين كرسياً .. فلم أر في المجلس إلا الرجل يتابع برنامجاً في التلفاز .. وخادماً يخدمه بالقهوة والشاي .. جلست معه قليلاً ..
فلما خرجت جعلت أتذكر حاله لما كان في وظيفته .. وحاله الآن .. ما الذي كان يجمع الناس فيما مضى ؟
ما الذي كان يجعلهم يلتمون عليه مؤانسين متحببين ؟!
أدركت عندها أن الرجل لم يكسب الناس بأخلاقه ولطفه وحسن تعامله .. وإنما كسبهم بمنصبه ووجاهته وسعة علاقاته ..
فلما زال المنصب زالت معه المحبة ..
فخذ من صاحبنا درساً .. وتعامل مع الناس بمهارات تجعلهم يحبونك لشخصك .. يحبون أحاديثك وابتسامتك ورفقك وحسن معشرك .. يحبون تغاضيك عن أخطائهم .. ووقوفك معهم في مصائبهم ..
لا تجعل قلوبهم معلقة بكرسيك وجيبك !!
س : ظهر الشيخ العريفي بأسلوب دعوي تمتزج فيه الدعوة بالقصة والحجة والجدية هل كان ذلك مقصوداً بتخطيط مسبق أم كانت بتلقائية عفوية ؟
ج : أساليب توجيه الناس متنوعة، فمنها أسلوب الأستاذية ، افعل ولا تفعل ، فتقول له : لا تزن ولا تسرق ولا تكذب ، والناس قد لا يتقبلون أسلوب الأستاذية ، خصوصاً أننا في عصر ينادون فيه بالحرية في أساليب الحياة مما جعل الناس يترفعون عن قبول أسلوب افعل ولا تفعل ،ولذلك تضطر أحياناً إن تمارس أساليب أخرى أرق ، مثلا يمكن أن أقول لك لا تكذب وممكن أذكر لك قصة عن شخص صادق وقع في مواقف محرجة شديدة ومع ذلك لم يكذب ، فما هي الفائدة من ذكري للقصة ، كأني أقول لك يا أخي أفعل مثله ومثل ما قال الله تعالى عن بني إسرائيل : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ) (المائدة:78 - 79) كأنه يقول يا مسلمين انتبهوا لا تفلعوا مثلهم ، وكذلك الأسلوب القصصي أسلوب مناسب للتأثير ، والقرآن أكثر من 70 % منه قصص ، قصة موسى في القرآن أعيدت خمسًا وعشرين مرة واسمه تكرر مائة وثلاثة وثمانين مرة ، والنبي صلى الله عليه وسلم حكى لأصحابه قصصًا قصة أصحاب الأخدود قصة موسى والخضر قصة جريج العابد وغير ذلك. والقصص كما قال الإمام مالك : "القصص جند من جنود الله تعالى " .
س : وما هي الانطباعات التي وجدتها عند استعمالك لهذا الأسلوب الجديد ؟
ج : أولاً ينبغي على الداعية الذي يسلك هذا الأسلوب القصصي أن يعتني بأمور :
أولاًُ : أن يكون أسلوبه في طرح القصة مناسبا ، يستعمل أحسن الأساليب البلاغية أثناء القصة ، فما أجمل أن تذكر القصة ويشعر السامع كأن أمامه مشهد ، ما أجمل أن يصل الداعية في طريقة عرضه إلى هذه الدقة من التصوير حتى يتأثر الناس بأسلوبه ، وأذكر أنني خطبت جمعة بقصة ماعز رضي الله تعالى عنه عندما جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال : " يا رسول الله زنيت فطهرني " وعندما خرجت أمسك بي أحدهم ، قال لي والله أني سمعت القصة مائة مرة وأنا نفسي ألقيتها عدة مرات لكن عندما سمعتها الآن كأني أسمعها لأول مرة!
لذلك أقول : إن دقة التصوير واستعمال عبارات عاطفية تحرك القلب، تُشعرك كأنك تشاهد أحداثها أمامك ، وقد لاحظت بعضهم يستعمل القصة لكن لا يحسن صياغتها الصياغة المناسبة فلا يتأثر الناس بها .
س : هل الناس الآن محتاجون إلى تجديد الخطاب الدعوي ؟
ج : الخطاب الدعوي لا بد أن يتناسب مع معطيات العصر الذي يعيشه فالخطاب دعوي قبل أربعين سنة والناس ليس عندهم إعلام الجرائد والمجلات غير منتشرة، ولعلك تذكر عندما كنا صغارا كان خطيب الجمعة بالنسبة إلينا هو الموجه الأسبوعي وهو الشيخ الذي نحترمه وأي كلام يقوله نبجله، واليوم خطب الجمعة إذا لم يكن قوياً في خطبته أو في درجته العلمية أو الناس لم يكونوا مقتنعين به لم يكن له التأثير المرجو ، وذلك لأنه يزاحمه كاتب المقال ، والمتحدث في التلفاز وغيرهم ، لذلك أقول إن تجديد الأساليب وتنويعها ، كالاستعانة ببعض الإحصائيات ، فأمامي أناس قد لا يقتنعون أحياناً إلا بمثل هذه الأساليب فماذا يمنع عندما أتكلم عن الخمر آتي لهم من الإنترنت بإحصائية انتشار الخمر في أمريكا أو في أوربا وعدد قضايا القتل وعدد الحوادث التي حصلت ، إضافة إلي ذكر النصوص الشرعية .
س : منطلقاً من حديث فضيلتكم أن تقول لا مانع أن نأتي ببعض الفلاشات والأرقام في خطبة الجمعة ونوضح بها في المسجد مثلاً لمنظر معين أو حادث معين للمستمعين ؟
ج : لا، خطبة الجمعة يبقى لها رزانتها وبهائها ولها نوع من التعبد خاص ، النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" من مس الحصى فقد لغى " ، " من قال لصاحبه أنصت فقد لغى " ، أنت مأمور ألا تلتفت إلى شيء غير كلام الخطيب ولا بد أن يعود الناس على هذا يعودوا أن يتلقوا من الخطيب من غير مساعدات ، غداً قد لا يوجد مساعدات ، كهرباء ، كمبيوتر .
أما في المحاضرات فأنا أرى هذا، وعندي درس له أربع سنوات في جامع الحديثي بالرياض أستعمل فيه عرض البوربوينت عبر البروجكتر، وقد شرحت فيه أشراط الساعة وشرحت فيه الفقه ، ولما بدأت باستعمال عروض البوربوينت بدأت أعداد الحاضرين تتزايد ولاحظت أن نصفهم من غير طلبة العلم فيحضر عندي شباب يرتدون قبعات وبدلة رياضة وقصات شعر يداومون عندي أسبوعياً .
حتى إني أحد الأسابيع فقدت هذه النوعية وعندما ختمت الدرس سألت الموجودين قلت : يا شباب اليوم ألاحظ العدد قليل ولم أقل أن النوعية الأخرى لم تحضر ؟ قالوا : يا شيخ اليوم مباراة الهلال والاتحاد !! وعندما جاء الأسبوع الذي بعده حضرت تلك النوعيات مرة ثانية ، ومن أسباب جذبهم التجديد في الطرح .
س : فضيلة الشيخ كيف ترى الانفتاح الإعلامي الذي عم الكون ؟
ج : هذا الانفتاح الذي ينتشر هو طبيعي للتطور الذي وقع في العالم عموما لكن لا بد أن يستفيد الدعاة منه في الدعوة وتوجيه الآخرين ، بالأسلوب المناسب ، ومع المحافظة على الضوابط الشرعية .
س : هل تنضبط القنوات بشروطكم الشرعية ؟
ج : في الغالب ينضبطون بالشروط ، وأذكر أني اشترطت على إحدى القنوات ألا تكون مقدمة البرنامج فيها موسيقى فتفاجأت أنهم وضعوا موسيقى والبرنامج على الهواء ، وفي بداية البرنامج قال المقدم نشكر الشيخ ، فقلت للمقدم " إذا طلعنا سيحدث بيننا هوشة " ضحك : قال لماذا يا شيخ ؟ قلت : لأنك لم تحذف الموسيقى مثلما اتفقنا ، فضحك وقال : لا خلاص نشيلها من النهاية لكن القنوات في غالب الأحيان منضبطين .
س : ما سبب مشاركة عدد من الدعاة في وسائل الإعلام بشكل مكثف ما السبب ؟
ج : أعتقد أن وسائل الإعلام هي التي اتجهت إلى الدعاة ، فقبل أربع سنوات خمس سنوات صار توجه كبير من وسائل الإعلام إلى المشايخ عندما صارت أمريكا وغيرها تضغط على الإسلام وتتنقصه وتحاول أنها تسيء إليه بدأ الناس يقبلون على الإسلام ويتمسكون به أكثر مما جعل وسائل الإعلام تقبل على المشايخ ، هذا شيء والشيء الآخر وسائل الإعلام تختار من عندهم قدرة إعلامية وأنت تعلم أن الحديث مع الكاميرا ومواجهة الكاميرا ليس كالحديث على المنبر أو الحديث في المساجد يعني هناك حس إعلامي لا بد يكون عنده قدرة على المخاطبة الإعلامية أنا ألاحظ أحيانا يخرج باحثون اجتماعيون علماء نفس أحياناً أطباء مهندسون وأعتبره فاشل إعلامياً ويحضر مشايخ أيضاً وأعتبرهم أيضاً مثل أولئك ، فليس كل شخص عنده معلومات يظهر في التلفزيون والناس ينجذبون إليه ، ما لم يكن عنده جذب إعلامي وقدرة على التأثير في الشخص الذي أمامه وإلا فلن يستمع إليه الناس ، تلاحظ مثلا أن بعض القنوات تعلن أنها تحتاج إلى قارئ أخبار ويتقدم لها ألف شخص وكلهم يُرفضون .
هل معنى هذا أنهم لا يتقنون العربية ؟ أو لغتهم غير سليمة ؟ لا لكن بعضهم ليس عنده القدرة على مخاطبة الكاميرا ولا حس إعلامي ناجح .
س : وهل أدرك الدعاة مؤخراً دور الإعلام ؟
ج : أنا في تصوري أنهم أدركوه مبكراً .
س : مبكراً !!؟
ج : نعم .. من فترة والدعاة يحاولون المشاركة في الإعلام ولكن ما كان الإعلام مفتوحاً لهم ، يعني من القديم بعض المشايخ يرغب في الوسائل الإعلامية لكن ما أحد يتصل به ما أحد يقول تعال ، وقد يحال بينه وبين الإعلام ، وأنا أقول لك بكل صراحة إن بعض المشايخ ممنوعون من الطلوع في الوسائل الإعلامية .
س : وما السبب ؟
ج : في أكثر الأحيان لا يبين للشيخ السبب الذي منع لأجله ، لكني أتصور أن هناك أسباباً عديدة بعضها أسباب خلافات شخصية بينه وبين القائمين على هذه الوسائل ، وأحياناً اختلاف في وجهات نظر ، وإلا فلا يوجد داعية يفتح له مجال لنفع الناس ويعتذر من هذا .
س : هل الشيخ العريفي تعرض لمثل هذا النوع من المنع ؟
ج : نعم .. أنا ممنوع من القناة السعودية من سنتين تقريباً !!
س : وهذا القرار من الذي أصدره ؟
ج : لا أدري !
س : ومن الذي أبلغك به ؟
ج : أبلغني كثير من العاملين في التلفزيون ، ومن مقدمي البرامج الدينية ، أخبروني أنهم ممنوعون من استضافتي ، بدليل أنني في السابق كان لا يمر شهر إلا وأشارك في لقاء ، والآن كما تعلم من سنتين لم أظهر في أي من القنوات السعودية .
س : والأسباب ؟
ج : لا أعلم .. والأخوة كلّما رفعوا أسمي لاستضافتي حُذف أسمي !! وإلى يومي هذا لا أعرف سبب المشكلة، ولو بين لي ما هو الخطأ لقلت جزاكم الله خيرًا وأحرص أن لا أكرر الخطأ ، لكن المشكلة أن تمنع من المشاركة وإذا حاولت أن تعرف السبب، وأن تناقش لا يسمح لك !!
س : لك برنامج رائع في قناة إقرأ ( استمتع بحياتك ) حدثنا عنه .
ج : فكرة البرنامج تعتمد على مهارات في التعامل مع الهموم التي تصيب الإنسان في الحياة وطريقة استمتاع الإنسان بالحياة من خلال أشياء في مقدوره ، ليس من خلال المال أو الجمال أو القوة الجسدية أو النسب الرفيع أو الجاه يعني أستمتع بحياتي من خلال أخلاقي من خلال تنمية قدراتي .
وتكلمت في أول حلقة عن حقيقة المتعة في الحياة ، هل لا بد أن تكون غنياً لتستمتع ؟ هل لابد أن تكون قويا في جسدك أو رفيعًا في نسبك حتى تستمتع ، البرنامج جماهيري فيه نوع تجديد ، فأمامي طاولات مستديرة ومجموعة شباب متنوعين والحمد لله البرنامج يبث ثلاث مرات في الأسبوع .
س : وما الانطباعات التي خرجت بها من هذا البرنامج ؟
ج : انطباعات كبيرة جداً ولله الحمد ولم يبث إلى الآن إلا ثلاث حلقات.
س : هذا البرنامج فقط أو هناك برامج أخرى أتى فضيلتكم عليها انطباعات جيدة ؟
ج : هناك برنامج بث بقناة قطر اسمه الفقه الميسر ، شرحت كتاب الملخّص الفقهي للشيخ الفوزان حفظه الله ، شرحت أحكام الطهارة والصلاة وكان فيها شيء عملي فأتيت بشاب صغير جعلته يصلي أمام الناس أمام الكاميرا ، وكان له تأثير كبير جداً سجلت خمسين حلقة كل حلقة قرابة العشرين دقيقة .
ومرة جاءني اتصال من داعية بالبرازيل يقول : أنا أتابعك وأسجل اللقاء كله وبعد ذلك ألقيه في المسجد ، وهذا يدل على تأثيره ، والبرنامج الذي في اقرأ بثت أول حلقة ومن الغد ظهراً أتاني اتصال من السويد يشكر على الحلقة .
س :هناك قناة تذيع برنامج أستار أكاديمي ما نظرة الشيخ للبرنامج هذا أولاً ونظرته للقناة نفسها ؟
ج : مع الأسف الأمر كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : "لا يأتيكم زمان إلا كان الذي بعده شر منه " وقال : " يأتي على الناس زمان القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر " وذكر صلى الله عليه وسلم أنه بآخر الزمان تفشو المنكرات من ذلك ما رواه مسلم لما قال صلى الله عليه وسلم : "إن من علامات الساعة فشو الزنا" .. والزنا أنواع : فالعين تزني وزناها النظر -كما بين في حديث آخر- واليد تزني وزناها اللمس والأذن تزني وزناها السمع .. يعني السمع الفاحش والنظر الفاحش وكذلك اللمس باليد الفاحش ثم قال في آخر الحديث : "والفرج يصدق ذلك أو يكذبه" .
فما يقع الآن من هذا البرنامج الماجن وفي بعض البرامج الأخرى أمر مخزٍ ، وفي أستار أكاديمي يخلطون الشباب والفتيات ويكونون في كثير من الأحيان على أحوال ماجنة هذا قد ضم تلك وتلك قد اتكأت برأسها على صدر هذا ؛ هذا ما يراه الناس المشاهدون وأخشى أن يكون ما خفي أعظم والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما " هذا واضح يعني ما يخلو رجل بامرأة إلا وحدّث نفسه وثارت غريزته ، وتحزن عندما تعلم أن عدد الاتصالات من المملكة وصلت إلى ثمانين مليون اتصال وهذا مؤلم جداً وكل من أنفق قرشاً في اتصال بهم فقد أنفقه في حرام والمال سيسأل عنه يوم القيامة "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع وذكر منها النبي صلى الله عليه وسلم عن ماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه " سيسألهم الله لماذا أنفق سبعة ريالات في دقيقة واحدة باتصال بالبرنامج ؟ هل أنفقه لنصر فلسطين أو تحرير العراق وأنا أدعو كل من شارك في هذا البرنامج بشيء للتوبة والأمة فيها هموم تكفيها ، والأعداء يشغلوننا بالتوافه وهم يقتلون إخواننا كما قال الشاعر:
قطيع يساق إلى حتفه *** ويطرب من رنة الجازر
يعني قطيع غنم يسوقونه لذبحه والجازر يحد السكين يبردها فيصدر صوت رنين والقطيع يمشي وهو طربان للصوت وما يدري أن فيه حتفه .
الأمر الأخير : تسمية الفائز بهذه التفاهات بطلاً !! هل البطولة أن أرقص ؟ أن اغني ؟ أن أقبل الفتاة وأنزع الحياء من نفسي ؟ بالله عليك ماذا يستفيد الوطن والدين منك إذا صرت بطلاً في رقص أو غناء ؟ ماذا تستفيد الأمة ؟ ماذا تستفيد زوجتك ؟ أولادك ؟ لو كان بطلاً في طب أو هندسة قلنا بيض الله وجهك أنت بطل اخترعت وفعلت .
فينبغي أن يتوب هؤلاء وليعلموا بأن هناك من العبّاد الصالحين الذين تجري دموعهم على خدودهم في آخر الليل يدعون الله تعالى على أصحاب هذه القنوات وعلى ستار أكاديمي ، والله لن يضيع دعاء هؤلاء الأخيار .
س : لكن المشاركين والمؤيدين يشتهرون ؟!!
ج : يا أخي الشهرة أنا معك أن الشهرة فتنة لكن ليس كل شهرة مشرفة !! ذكروا أن رجلاً في الحج رأى الناس مزدحمين على بئر زمزم فأقبل ورفع إزاره وبال في البئر فأقبل الناس هذا يجذبه وهذا يدفعه ويقولون من هذا ؟ من هذا؟ وهو يتبسّم ويقول : أنا فلان .. أنا فلان .. ويعرف بنفسه كلَّ من سأل عنه !! فلما وصل إلى الوالي قال له : الناس يشربون من بئر زمزم وأنت تبول فيه ؟ فقال : أردت أن يذكرني الناس وأشتهر ولو باللعنة .
أنا أسألك : لو أن شخصاً كتب اسمه على سيارته ، ومشى بها على الطريق السريع ثم أوقفها فجأة ونزع ثيابه ورقى فوقها وجعل يرقص !! ألن يشتهر ؟ بلى سيشتهر !! وتجد في الإنترنت صوره واسمه في كل مكان وسيتكلم الناس بخبره ، فهل هذه شهرة يفتخر بها ؟
أما الذي يشتهر بخير أو دعوة أو خير أو إصلاح بين الناس فشأنه آخر ، يذكره الناس لكن بالله عليك هذا يذكرونه بماذا؟ برقصته ؟! هزّته ؟! أغنيته ؟!
بلا شك أن هذه البرامج تروج للرذيلة وكل من يساعد فيها أو يؤيدها فينطبق عليه قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) (النور:19).
س : كاميرا الجوال هل هي وبال على المجتمع أو تقنية لمصلحته ؟
ج : كاميرا الجوال ( فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا )(البقرة: من الآية219) قليل من الناس من يستفيد منها في شيء نافع صور محاضرة واستفاد منها أو أرسلها بلوتوثات ؟ وكم من فتاة صورت في عرس أو مدرسة ثم حصلت مفاسد بسبب الصورة، وأخشى أن يتسع الخرق على الراقع، وتصبح الصور تتداول لدرجة أن الفتاة لا تخجل أن ترى صورتها في أي مكان .
س : أنتشر تناقل الرسائل بالبلوتوث عند الإشارات وغيرها ، ما وجهة نظركم في هذه النقطة بالذات ؟
ج : لو قلت لك أنا أراها خطأ فعندي ثقة تامة أن الناس لن يطبقوا هذا الكلام لا تستطيع أن تقول للناس لا تفتح البلوتوثات في التجمعات العامة، أو لا تفتحها في القطار لكن أقول ينبغي للإنسان أنه يكون عنده نوعاً من التربية الذاتية لنفسه أنه يضبط نفسه ويبتعد عن هذه المحرمات.
س : وهل يمكن أن يستخدم البلوتوث في الدعوة ؟
ج : نعم .. رأيت بلوتوثات هي مقاطع لقراء مؤثرين ، ورأيت مرة مقطعاً لوفاة شاب في ملعب وكان فيها عبرة وأدخل عليها بعض الآيات ، فبعضها قد تكون نافعة .
س : ما هو حق الداعية على الناس ؟
ج: ينبغي للناس أن يتعاملوا مع الداعية على أنه بشر فعندما يرسل لي واحد رسالة مثلاً يكتب فيها إذا لم ترد على سوف أنتحر ، أو يرسل أقسم عليك بالله الذي فطر السماوات والأرض أنك ترد على رسالتي الآن وإلا .. ثم تتصل عليه فإذا هو شاب عنده قضية عادية أو يسألك عن موضوع تافه فأقول للناس رفقا بالدعاة في الاتصال بهم ، وأحياناً يأتيك واحد يمسكك عند المسجد قرابة نصف ساعة لأجل قضية يمكن يختصرها في ثلاث دقائق .
س : الذي قال لك سأنتحر بماذا أجبته ؟
ج : يا أخي هذا أصلاً من ضعف الهمة ، وقلة الثقة في النفس عند الشباب والفتيات .. الشخص المسكين هو الذي استسلم لأخطائه وقنع بقدراته ، وقال : هذا طبعي الذي نشأت عليه ، وتعودت عليه ، ولا يمكن أن أغير طريقتي .. والناس تعودوا علي بهذا الطبع .. أما أن أكون مثل خالد في طريقة إلقائه .. أو أحمد في بشاشته .. أو زياد في محبة الناس له .. فهذا محال ..
أذكر أن رسالة جاءتني على هاتفي الجوال .. نصها : فضيلة الشيخ .. ما حكم الانتحار ؟ فاتصلت بالسائل فأجاب شاب في عمر الزهور .. قلت له : عفواً لم أفهم سؤالك .. أعد السؤال ! فأجاب بكل تضجر : السؤال واضح .. ما حكم الانتحار .. فأردت أن أفاجئه بجواب لا يتوقعه فضحكت وقلت : مستحب .. فصرخ : ماذا ؟! قلت : أقول لك : حكم الانتحار أنه مستحب .. لكن ما رأيك أن نتعاون في تحديد الطريقة التي تنتحر بها .. ؟ فسكت الشاب .. فقلت : طيب .. لماذا تريد أن تنتحر ؟ قال : لأني ما وجدت وظيفة .. والناس ما يحبونني .. وأصلاً أنا إنسان فاشل .. و ..
وانطلق يروي لي قصة مطولة تحكي فشله في تطوير ذاته .. وعدم قدرته على الاستفادة بما هو متاح بين يديه من قدرات ..
لماذا ينظر أحدنا إلى نفسه نظرة دونية ؟ لماذا يلحظ ببصره إلى الواقفين على قمة الجبل ويرى نفسه أقل من أن يصل إلى القمة كما وصلوا .. أو على الأقل أن يصعد الجبل كما صعدوا ..
ومن يتهيب صعود الجبال .. يعش أبد الدهر بين الحفر
جلست يوماً مع شيخ كبير بلغ من الكبر عتياً .. في مجلس عام ، كل من فيه عوام متواضعو القدرات ، وكان الشيخ يتجاذب أحاديث عامة مع من بجانبه .. ولم يكن يمثل بالنسبة لمن في المجلس إلا واحداً منهم له حق الاحترام لكبر سنه .. فقط ..
ألقيت كلمة يسيرة .. ذكرت خلالها فتوى للشيخ العلامة ابن باز ..
فلما انتهيت .. قال لي الشيخ مفتخراً : أنا والشيخ ابن باز كنا زملاء ندرس في المسجد عند الشيخ محمد بن إبراهيم .. وانبلجت أساريره لهذه المعلومة .. كان فرحاً جداً لأنه صاحب رجلاً ناجحاً يوماً من الدهر ..
بينما جعلت أردد في نفسي : ولماذا يا مسكين ما صرت ناجحاً مثل الشيخ ابن باز ؟ ما دام أنك عرفت الطريق لماذا لم تواصل ..؟ لماذا يموت ابن باز فتبكي عليه المنابر .. والمحاريب .. والمكتبات .. وتئن أقوام لفقده ..
وأنت ستموت يوماً من الدهر .. ولعله لا يبكي عليك أحد .. إلا مجاملة .. أو عادة ..!!
فأقول لكل شاب وفتاة : كن بطلاً واعزم من الآن أن تطبق ما تقتنع بنفعه من قدرات .. كن ناجحاً .. اقلب عبوسك ابتسامة .. وكآبتك بشاشة .. وبخلك كرماً .. وغضبك حلماً .. اجعل المصائب أفراحاً .. والإيمان سلاحاً .. استمتع بحياتك .. فالحياة قصيرة لا وقت فيها للغم ..
عفواً يبدو أني خرجت عن الموضوع ..
س : لا .. لا نزال فيه .. وننتقل لموضوع آخر ..
فضيلة الشيخ : هناك نساء يتصلن بالبرامج التلفزيونية وينشرن الأسرار والخلافات الزوجية هل هذا من الإصلاح ؟
ج : إذا كانت السؤال يستفيد منه السامعون كالتعامل بين الزوجين أو سؤال في الطهارة والصلاة فلا بأس ، أما ذكر قضية شخصية أو ذكر اسمها الصريح أو حتى أسمها الأول ويعرف صوتها كثير ممن يشاهدون تلك الحلقة فهذا في تصوري غير مناسب .
س: هل صوت المرأة يعتبر عورة ؟
ج : المرأة صوتها ليس منهياً عن سماعه إلا إذا كان فيه نوع تغنج وإثارة للغريزة أما إذا امرأة تسأل سؤالا جادًا فلا بأس .
س : حتى لو كان على الملأ وفي التلفاز ؟
ج : حتى لو كان على الملأ ، فالنبي صلى الله عليه وسلم خطب بالناس وسألهم سؤالاً معينًا فقامت امرأة من الناس وأجابت فقالت : " يا رسول الله أنهم ليفعلون وإنهن ليفلعن " فانظر كيف تكلمت أمام المجموعة كذلك أسماء بنت يزيد بن السكن عندما سألت النبي صلى الله عليه وسلم أمام الناس عن الجهاد فأجابها .
س: هل هناك برنامج يعوض الجانب هذا إذا قلقنا أنه مثلاً لأمور شخصية ؟
ج : ممكن عن طريق الفاكس أو عن طريق اتصال على الشيخ نفسه بعد ذلك هاتفياً أو تتصل على الإفتاء .
س : ماذا عن بعض البرامج التي يتم فيها مسابقات ما يسمى بالتوب تن "top 10" من الأغاني والمطربين ؟
ج : هذا الجواب فيه واضح نسأل الله العافية ، أنا مرة من المرات في إحدى الثانويات فيها قرابة الألف طالب تكلمت عن التدخين فقلت لهم : يا شباب علبة السجائر كم سجارة فيها ؟ قالوا : عشرين .. عشرين .. قلت : الكرز ( العلبة الكبيرة ) كم بكيت فيه ؟ قالوا : عشرة ، فقلت : يا شباب ما معنى "الله الصمد" ، ولا واحد رفع يده ، ما معنى "والعاديات ضبحا" ، ولا واحد رفع يده ، فقلت : ما هو الذكر الذي تقوله في الصباح وإذا مت قبل المساء دخلت الجنة وإذا قلته المساء ومت قبل الصباح دخلت الجنة ؟ ولا واحد أجاب ، انظر هذه مشكلة حقيقية أن يتوجه الإعلام إلى جعل الناس يتنافسون في معرفة أسماء المغنين أو يعطيه مقطعًا من أغنية ويقول أكمل الأغنية ، أعوذ بالله يا أخي أعطه مقطعًا من آية وقل له : الآية من أي سورة ؟ أعطه أسم صحابي وقل له : أعطنا موقفًا له مع النبي صلى الله عليه وسلم ..
س : عفواً يا شيخ أنا شاب مثلاً أسمع الأغاني وأنت تقول لي لا تسمع الأغاني ، نعم أنا أسمع كلامك ولكن هات لي عوضا عنها هات شيء يعوضني عن سماع الأغاني ؟
ج : ليس بلازم أن أعطيك بديلا لها ، وعموماً مسألة وجود البديل ليست قاعدة شرعية ، ليس كل متعة لازم لها بديل ، وليس كل شيء يكون محرماً يكون هناك بديل له ، الخمر مثلاً أعطني بديلا لها ، لا يوجد بديل ، المخدرات واحد يحشش قال : أعطوني بديلاً ، إيش رأيك ؟ نروح نجيب له حشيش إسلامي! لذلك فالأصل أن الإنسان عبد والعبد يطيع سيده .
س : لو أتينا بالأناشيد الإسلامية كبديل منطقي للأغاني ؟
ج : أنت كنت تريدني أن أقول هذا ، لكني لن أقوله لأنه قد يقول لك الأناشيد الإسلامية ما فيها ألحان ما فيها موسيقى ما فيها أنواع الأورق والعود .
س: انطباعك عن سماع الأناشيد الإسلامية ؟
ج : والله يا أخي الأناشيد كانت سابقاً جيدة وموفقة ينشدها شباب أصواتهم جشه ينتقون ألحانًا جادة وأبياتًا مناسبة وألفاظًا رائعة ، أما الفترة الأخيرة فقد بدأ أكثرها لا تعدو أن يكون مجرد إطراب للسامع ، أكثروا فيها من الآهات والترديدات وأنواع الصدى والخلفيات التي أشبه بالموسيقى ، لدرجة أنك في بعض الأناشيد لولا ثقتك بالمنشد ودينه وإلا لأقسمت أنها موسيقى ، فأقول : الأناشيد يجب أن تعود إلى رونقها وأن لا ننزل كثيراً مع الأناشيد .
س : وهل أنت مع من يقول في الوقت الراهن أن الأناشيد تثبيط للأمة ؟
ج : لا ليست إلى هذا الحد لأن بعض الأناشيد ما زال فيها رونق وجمال وجودة إلقاء ولا يزال بعض المنشدين متميزون .
س : وهل وصل فضيلتكم إلى ما كان يصبو إليه في مجال الدعوة ؟
ج : ههههه كيف ما كان يصبو إليه ؟
س : يعني شيء وددت أن تصل إليه في الدعوة ؟
ج : استغفر الله أنا إنسان مسكين ، يا أخي لكن يعني الأمر مثل ما قال الأول : إذا غامرت في شرف مروم
س : فلا تقنع ..
ج : فلا تقنع بما دون النجوم ، يعني الواحد يكون همته عالية دائماً والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " منهولان لا شبعن يعني جائعاً طالب علم وطالب دنيا فكذلك الداعية لا ينبغي أن يقول مثلا والله أنا اهتدى على يدي عشرة خمسة عشر عشرون خلاص الحمد لله أنا أجلس ببيتي لا إلا أعمل بالدعوة وأعمل بالخير ونصح الناس حتى يأتيك الموت وأنت تدعو إلى الله وتنصح وتذكر بذلك يعقوب عليه والسلام وهو يموت مثل ما قال الله: (أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي) (البقرة:133) لا حظ وهو يموت ينبه أولاده على مسألة العبادة والدعوة فكذلك ينبغي لمن كان يقتدي بالأنبياء أن يستمر بدعوته حتى نهاية حياته .
س: هناك بعض المشايخ لا يستطيعون مقابلة الجمهور دائماًَ يغلق بابه أمام أي سائل بحجة التفرغ للدعوة أو للمحاضرات أو للكتابة ؟
ج : هذه تختلف باختلاف الناس فبعض الناس أصلاً لا يحب مخالطة الآخرين ، ليس لأنه داعية أو طبيب أو مهندس إنما لأنه إنسان عادي هذه طبيعته ، لماذا تلزمه بخلاف طبعه ؟!
وكذلك بقية المهارات ليس مهماً أن يجمعها الشخص كلها .. لماذا يلزم الداعية أن يصبح خطيبا مفوهاً ويصبح إعلاميا ناجحا ويصبح مؤلفاً بارزاً لا تلزمه بكل المهارات .
كذلك من لا يحب يخالط الناس يستثقل جلوسهم الطويل عنده لا تلزمه أن يجلس معهم ، يقول : يا جماعة أنا داعية ممكن ألقي محاضرات ممكن أخطب الجمعة لكت تقول لي أجلس مع الناس وأصلح ذات بينهم وأفعل كذا وكذا ليس جميع الدعاة يستطيع أنه يطبق هذا ولا ينبغي ظلمهم في هذه الناحية ونحملهم ما لا يحتملون حتى لا يصل بعد ذلك مرحلة يترك حتى الأشياء التي يستفاد منه فيها .
س : وعن فكرة أقامه مركز استشاري يستقبل مشاكل الناس .
ج : تعني الأمور الاجتماعية ؟
س : نعم ..
ج : هذا جيد ، ويبدو أن بعض الهيئات الخيرية ومراكز الدعوة عندهم شيء من هذا ، هاتف يستقبل أسئلة الناس ، لكن لو وسع هذا المجال ليخفف الضغط على الدعاة .
س/ تقع في بعض الأحيان مواقف لا تنسى ..
نريد أولاً موقفاً وقع في الإعلام ..
ج/ أذكر أني دعيت في ليلة من ليالي شهر رمضان قبل سنتين إلى لقاء مباشر في إحدى القنوات الفضائية ..
كان اللقاء حول أحوال العبادة في رمضان .. وكان انعقاد اللقاء في مكة المكرمة في غرفة بأحد الفنادق مطلة على الحرم .. كنا نتحدث عن رمضان .. والمشاهدون يرون من خلال النافذة التي خلفنا المعتمرين والطائفين خلفنا على الهواء مباشرة ..
كان المنظر مهيباً .. والكلام مؤثراً .. حتى إن مقدم البرنامج رق قلبه وبكى أثناء الحلقة ..
كان الجو إيمانياً .. ما أفسده علينا إلا أحد المصورين !! كان يمسك كاميرا التصوير بيد .. واليد الثانية فيها سيجارة .. وكأنه يريد أن لا تضيع عليه لحظة من ليل رمضان إلا وقد أشبع رئتيه سيجاراً !!
أزعجني هذا كثيراً .. وخنقني وصاحبي الدخان .. لكن لم يكن بد من الصبر .. فاللقاء مباشر .. وما حيلة المضطر إلا ركوبها !!
مضت ساعة كاملة .. وانتهى اللقاء بسلام ..
أقبل إليّ المصور - والسيجارة في يده - شاكراً مثنياً .. فشددت على يده وقلت .. وأنت أيضاً أشكرك على مشاركتك في تصوير البرامج الدينية .. ولي إليك كلمة لعلك تقبلها .. قال : تفضل .. تفضل ..
قلت : الدخان والسجا .. فقاطعني : لا تنصحني .. والله ما فيه فائدة يا شيخ ..
قلت : طيب اسمع مني .. أنت تعلم أن السجاير حرام وأن الله يقول .. فقاطعني مرة أخرى : يا شيخ لا تضع وقتك .. أنا مضى لي أكثر من أربعين سنة وأنا أدخن .. الدخان يجري في عروقي .. ما فيه فااائدة .. كان غيرك أشطر !!
قلت : يعني ما فيه فائدة ؟!!
فأحرج مني وقال : ادع لي .. ادع لي ..
فأمسكت يده وقلت : تعال معي ..
قلت تعال ننظر إلى الكعبة ..
فوقفنا عند النافذة المطلة على الحرم .. فإذا كل شبر فيه مليء بالناس .. ما بين راكع وساجد .. ومعتمر وباك .. كان المنظر فعلاً مؤثراً ..
قلت : هل ترى هؤلاء ؟
قال : نعم ..
قلت : جاؤوا من كل مكان .. بيض وسود .. عرب وأعاجم .. أغنياء وفقراء ..كلهم يدعون الله أن يتقبل منهم ويغفر لهم ..
قال : صحيح .. صحيح ..
قلت أفلا تتمنى أن يعطيك الله ما يعطيهم ؟ قال : بلى ..
قلت : ارفع يديك .. وسأدعو لك .. أمن على دعائي ..
رفعت يدي وقلت : اللهم اغفر له .. قال : آمين .. قلت : اللهم ارفع درجته واجمعه مع أحبابه في الجنة .. اللهم ..
ولا زلت أدعو حتى رق قلبه وبكى .. وأخذ يردد : آمين .. آمين ..
فلما أردت أن أختم الدعاء .. قلت : اللهم إن ترك التدخين فاستجب هذا الدعاء وإن لم يتركه فاحرمه منه ..
فانفجر الرجل باكياً .. وغطى وجهه بيديه وخرج من الغرفة ..
مضت عدة شهور .. فدعيت إلى مقر تلك القناة للقاء مباشر ..
فلما دخلت المبنى فإذا برجل بدين يقبل عليَّ ثم .. يسلم علي بحرارة .. ويقبل رأسي .. وينحني على يدي ليقبلها .. وهو متأثر جداً ..
فقلت له : شكر الله لطفك .. وأدبك .. وأقدر لك محبتك .. لكن اسمح لي فأنا لم أعرفك ..
فقال : هل تذكر المصور الذي نصحته قبل سنتين ليترك التدخين ؟!
قلت : نعم ..
قال : أنا هو .. والله يا شيخ إني لم أضع سيجارة في فمي منذ تلك اللحظة ..
س/ هذا رائع .. نريد موقفاً آخر في الدعوة عموماً ..
ج/ سأعطيك موقفاً وقع مع بعض الصغار ..
ألقيت يوماً محاضرة عن الصلاة لطلاب صغار في مدرسة ..
فسألتهم عن حديث حول أهمية الصلاة .. فأجاب أحدهم .. قال صلى الله عليه وسلم : بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة ..
أعجبني جوابه .. ومن شدة الحماس نزعت ساعة يدي وأعطيته إياها ..
وكانت – عموما – ساعة عادية كساعات الطبقة الكادحة ..!
كان هذا الموقف مشجعاً لذلك الغلام .. أحب العلم أكثر .. وتوجه لحفظ القرآن .. وشعر بقيمته ..
مضت الأيام .. بل السنين .. ثم في أحد المساجد تفاجأت أن الإمام هو ذلك الغلام .. وقد صار شاباً متخرجاً من كلية الشريعة .. ويعمل في سلك القضاء بأحد المحاكم .. لم أذكره وإنما تذكرني هو ..
وخرجت ليلة من إحدى الولائم .. فإذا شاب مشرق الوجه يسلم علي بحرارة بي ويذكرني بموقف لطيف وقع لي معه في محاضرة ألقيتها في مدرسته لما كان غلاماً صغيراً ..
س/ من الملاحظ أن كثيراً من الناس اليوم يتكلم في مسائل الدين ، من خلال المسموع أو المقروء .. ما رأي الدكتور العريفي في ذلك ؟
ج/ صدقت .. في الواقع أننا في زمن بدأ يتكلم في مسائل الدين بعض من لا يحسن سواء من خلال الجرأة على لإفتاء نفسه أو غيره ، أو من خلال الكتابة عن مسائل الدين في الجرائد والمجلات بناء على وجهات نظر شخصية غير مبنية على علم شرعي راسخ ..
أذكر لما كنت شاباً – وأظنني لا أزال كذلك – أعني لما كنت في أوائل الدراسة الثانوية .. أقبل علينا ضيف ثقيل .. لا أدري هل أكمل دراسته الابتدائية أم لا ؟ لكن الذي أجزم به أنه يقرأ ويكتب ..
وكنت مشغولاً وقت دخوله بمسألة شرعية لم أجد لها جواباً ..
وضعت له ما يوضع للضيف من قِرى .. ثم تناولت الهاتف وجعلت أكرر الاتصال بالشيخ ابن باز رحمه الله لسؤاله عنها .. لم أجد الشيخ ..
فلما رآني صاحبي منشغلاً إلى هذا الحد .. سألني : بمن تتصل ..
قلت : بالشيخ ابن باز .. عندي استفتاء مهم ..
فبدرني قائلاً بكل ثقة : سبحان الله .. ابن باز .. وأنا موجود ؟!!
س/ نظرة الشيخ العريفي للغناء ..
أسأل الله تعالى أن يفتح على قلوب جميع المغنين .. ووالله لو كان ما يسمع من حسن أصواتهم هو بقراءة القرآن .. لأفلحوا ..
بالله عليك .. هل سمعت مغنياً غنى يوماً في التحذير من الزنا ؟ أو الأمر بغض البصر ؟ أو حفظ أعراض المسلمين ؟!! أو الحث على صلاة الفجر في المسجد ؟ كلا.. ما تكاد تسمع فيها إلا الحبَّ والغرام.. إضافة إلى ما في كثير من ألفاظ الأغاني من الكلمات المحرمة ..
مثل قول أحدهم :: الله أمر .. لعيونك أسهر .. سبحان الله قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله مالا تعلمون ..وقول آخر : صبرت صبر أيوب .. وأيوب ما صبر صبري ..
وقول ثالث :ليه القسوة ؟ ليه الظلم ؟ ليه يا رب ليه ؟ يعني يتهم الله بالقسوة والظلم !!
وقول رابع : يا تعيش وإياي في الجنة .. يا أعيش وإياك في النار .. بطلت أصوم وأصلي .. بدّي أعبد سماك .. لجهنم ماني رايح إلا أنا وإياك ..
س/ ما شاء الله يا شيخ .. سامعها ..!!
ج/ لا والله .. لكن هذه الألفاظ نقلها إليَّ بعض الشباب ..
س/ ما نظرة الشيخ العريفي للحب ؟
ج/ أذكر أني ألقيت مرة محاضرة عن العشق .. فكتب إليَّ أحد العاشقين .. رسالة يلومني فيها على إثارة هذا الموضوع .. وسطر فيها أبياتاً بلهجته العامية ..
لو يتداوى كل يا شيخ من حبّ * وش لون ابلقى لي وليف نصوحي
لي صاحب بالحب شاطر مدرب * ما اظن من شافه يصد ويروحي
عن الهوى لا تنشد إلا مجرب * تلق