اللغه العربية فيخطر أم فيتطور؟
فيظل الصيحات الأخيرة لحماية اللغة العربية من الانقراض علينا أننتساءل هل اللغة العربية حقا في خطر أو في طريقها إلى الانقراض؟ وماذا وراء الربوةمن أمر جعل كل مثقف ولغوي وحتى صاحب الميل السياسي القومي ينتفض من أجل الحفاظ علىالهوية التي تمثل اللغة الأم لبنتها الأولى؟
لقدطالبت المجمعات اللغويةالعربية مؤخرا -في ظل هذه المخاطر كما أسمتها- وسائل الإعلام العربية ورجال الدولةاستخدام اللغة العربية السليمة لأنها الوسيلة الوحيدة -في نظرهم- التي تجعل منالشعب العربي اتحادا عالميا أمام التكتلات الأجنبية وإلغاء الثنائية بين اللغةالعربية واللغات الأجنبية.
* أخطار ثلاثة:
يرىالدكتورالعلامة يوسف القرضاوي أن هناك أخطارا ثلاثة على اللغة العربية:
الخطر الأول هو خطراللغات الأجنبية التي تزاحمها وتهددها في عقر دارها،
والخطر الثاني هو خطر العاميةالمحلية التي يروج لها الكثيرون والتي أصبحت تنتشر الآن حتى في أجهزة الإعلام والتييطالب البعض بأن تكون لغة تعليمية،
والخطر الثالث هو خطر اللحن والأغلاط اللغويةحتى في اللغة الفصحى التي يؤديها الخطباء والكتاب والمذيعون وغير ذلك.
وقالالدكتور على فهمي خشيم-رئيس مجمع اللغة العربية في ليبيا للجزيرة نت في اتصالهاتفي- إن المدارس الأجنبية والتي أصبحت منتشرة الآن بشكل كبير في العالم العربيأدت إلى ضعف المستوى التعليمي العام وانحطاطه، حيث لا تعطي هذه المدارس النشء مايكفي من تعلم الدين واللغة العربية، مما يزيد الهوة بينه وبين لغته الأم وكأنه لميعد عربياً، بالإضافة إلى عدم استخدام الجامعات اللغة العربية في مجال العلوم والطبوالهندسة والصيدلة حيث يعزون السبب إلى عجز العربية عن استيعاب العلوم.
ولاشك أن رأي مفتي الديار المصرية الشيخ الدكتور علي جمعة في البحث الذي قّدمه فيالجلسة الأولى لمؤتمر “لغة الطفل العربي في عصر العولمة” في مقر جامعة الدولالعربية في المدّة بأن اللغة العربية التي يبلغ عمرها ألفي عامتقريباً لم يتعهد الله بحفظها ولهذا فهي عرضة للتغيير, خيب آمال من كان يظن أنهالغة مقدّسة ولا يمكن أن تنقرض كبقية اللغات.
ولعلما زاد الحدة لدى البعض أناللغة العربية ربما تكون من بين اللغات التي ستنقرض بناء على ما أشار إليه تقريرلليونسكو في العام 2006 م والذي ذكر أن هناك لغات ستموت من بينها العربية، وهو ماأشعل القلق أكثر في نفوس الكثيرين من الغيورين على لغتهم خصوصا إذا ارتبطت بالهويةوالحضارة التي ربما تندثر هي الأخرى.
حتى أن الدكتور عبد الوهاب المسيريومجموعة من المثقفين والمهتمين بالهوية السياسية العربية رفعوا قبل أسبوع دعوى ضدالرئيس المصري ورئيس وزرائه بعدم التزامهما باستعمال اللغة العربية وخروجهما بذلكعن نص الدستور المصري الذي ينص على أنها هي اللغة الرسمية للبلاد.
إلا أنهفي ظل هذه المخاوف فإن بعض المفكرين يتكلمون عن موت اللغة بالمعنى الوضعي للكلمة أيالانقراض النهائي من الوجود، وهو ما قاله شبلي شميل في كتابة “فلسفة النشوءوالارتقاء” الجزء الأول.
وهو أيضاً ما يقوله جبور عبد النور بالمعجم الأدبيوهو إنه “عندما تهجر اللغة اللسان بحالة من حالاتها يظن الناس أن هذه اللغة أو تلكقد ماتت” وهم في هذه الحالة ينظرون إليها وكأنها تطورت وأصبحت اليوم في أرقى حالةمما كانت في الماضي، أي أن اللغة تتطور على أنقاض كلمات قديمة.