كان هناك عرب يسكنون الصحراء طلبا للمرعى لمواشيهم ، ومن عادة العرب التنقل من مكان الى مكان حسب ما يوجد العشب والكلأ والماء ، وكان من بين هؤلاء العرب رجل له أم كبيرة في السن وهو وحيدها ، وهذه الأم تفقد ذاكرتها في أغلب الأوقات نظرا لكبر سنها ، فكانت تهذي بولدها فلا تريده يفارقها ، وكان هذارتها ( تخريفها ) يضايق ولدها منها ومن تصرفها معه ، وأنه يحط من قدره عند قومه ! هكذا كان نظره القاصر .
وفي أحد الأيام أراد عربه ان يرحلوا لمكان آخر ، فقال لزوجته ( وياللخسران) : اذا شدينا غدا للرحيل ، اتركي امي بمكانها واتركي عندها زادا وماءا حتى يأتي من يأخذها ويخلصنا منها أو تموت !!
فقالت زوجته : أبشر سوف انفذ اوامرك .
شد العرب من الغد ومن بينهم هذا الرجل ..
تركت الزوجة ام زوجها بمكانها كما أراد زوجها ، ولكنها فعلت أمرا عجبا ، لقد تركت ولدهما معها مع الزاد والماء ،( وكان لهما طفل في السنة الأولى من عمره وهو بكرهما وكان والده يحبه حبا عظيما ، فإذا استراح في الشق طلبه من زوجته ليلاعبه ويداعبه ) .
سار العرب وفي منتصف النهار نزلوا يرتاحون وترتاح مواشيهم للأكل والرعي ، حيث إنهم من طلوع الشمس وهم يسيرون .
جلس كل مع اسرته ومواشيه ، فطلب هذا الرجل ابنه كالعادة ليتسلى معه .
فقالت زوجته : تركته مع امك ، لانريده .
قال : ماذا ؟ وهو يصيح بها !
قالت : لأنه سوف يرميك بالصحراء كما رميت امك .
فنزلت هذه الكلمة عليه كالصاعقة ، فلم يرد على زوجته بكلمة واحدة لآنه رأى أنه أخطأ فيما فعل مع امه .
أسرج فرسه وعاد لمكانهم مسرعا عساه يدرك ولده وأمه قبل أن تفترسهما السباع ، لأن من عادة السباع والوحوش الكاسرة إذا شدت العربان عن منازلها تخلفهم في أمكنتهم فتجد بقايا أطعمة وجيف مواش نافقة فتأكلها .
وصل الرجل الى المكان وإذا أمه ضامة ولده الى صدرها مخرجة راسه للتنفس ، وحولها الذئاب تدور تريد الولد لتأكله ، والأم ترميها بالحجارة ، وتقول لها : اخزي ( ابعدي ) هذا ولد فلان .
وعندما رأى الرجل ما يجري لأمه مع الذئاب قتل عددا منها ببندقيته وهرب الباقي ،
حمل أمه وولده بعدما قبل رأس امه عدة قبلات وهو يبكي ندما على فعلته ، وعاد بها الى قومه ، فصار من بعدها بارا بأمه لا تفارق عينه عينها .
وزاد غلاء الزوجة عند زوجها .
وصار اذا شدت العرب لمكان آخر يكون اول ما يحمل على الجمل امه ويسير خلفها على فرسه